2012/01/23

سحاب

سـحـاب

لمّا تعالى هجير اليوم واشتعلاَ
مضى قطيعُ غُيُومٍ يصعد الجبلاَ ..
حتّى تجمّع في الأعلى ..
وعزّزهُ
من كلّ فَجٍّ
سحابٌ ظلّ متّصلا ..
لقد رأيتُ جبال الأرض يومئذ
تضيق تحت جبالٍ فوقها خجلاَ ..
وأظلَمَ الأفْقُ .. لكن شمسنا ثبتتْ ..
وحَرّها حرّ قلب قام مرتحلاَ ..
وأقبل الغيم من دون الفضاء .. فلم
يترك لعين فُضُولٍ فوقنا خللا ..
وأشرف البرق فوق الأفق مبتسمًا ..
فصدّه الرّعدُ صدّا يبعث الوجلا ..
تفتّحت تحت كفّ الرّيح عاصفة
تفتّلت فكأنّ العالم انفتلا ..
وداعبت نسمة بيضاء باردة
كلّ الوجوه بعطر يثمل الثّمِلاَ ..
فعانق الغد فينا الأمسِ ..
واجتمعتْ
هنا الدّهورُ ..
ولاقى السّرمدُ الأزَلاَ ..
وغاب تحت سحابٍ مطبقٍ جبلٌ
يباشر الغسْل ..
كي يستبدل الحُللا ..
وأرسل الغيث قطرا كي يبشّرنا ..
ما أكرم المرسِل الذّوّاق ..
 والرّسُلاَ ..
قطرا غليظا ..
شديدا وقعه ..
ومضى يزدادُ ..
فاخترقته الرّيح ..
فانهملا ..
يقول لي الرّعد :" هذا الغيث أجمعه
لكلّ من أحسن الأخلاق والعملا ..
وكلّ من عمَرَ الدّنيا بمنفعة ..
ومن أحبّ حلال الكسب فاشتغلا "
فقلتُ : " لا ينبغي للمفسدين إذن
ولا لمن ظُنّ من إجرامه بطلا ..
ولا لمن بذأت ألفاظه فهذى ..
فخفّ عقلا ..
ولكن ظلّه ثقُلاَ ..
ولا لمن قتّل الأطفال من جشع .."
فقال ،
وانفجرت أعتى الصواعقِ : " لاَ " .
يا أيّها الرّعد لا تغضبْ لأسئلتي ..
فإنّما العلمُ مبذولٌ لمن جهلا ..
الماء يطردُ عن آمالنا ألمًا ..
ويملأُ المُرّ من آلامنا أملاَ ..
ما كان إلاّ سرور الحزن ..
مُفْتَعَلاً ..
فذا سرور السُّرورِ اشتدَّ..
منفعِلاَ ..
المزن كرّ ففرّ الحزن منخذلاَ ..
والغيم هلّ فذلّ الضّيمُ منتقلا ..
ظلّ السّحاب يضخّ الماء يضحكنا ..
لا يبتغي إذ رأى استبشارنا حِوَلاَ ..
ويملأ السّهل والوديان محتفيًا ..
وينثرُ الدّرّ والياقوت محتفِلاَ ..
حتّى إذا شكر الظّمآنُ ..
وانتعشت فينا الحياةُ ..
وأرضى المزن ما هطلا ..
مضى ..
فخلّف شخص الموتِ منـزعجًا ..
والشّرّ .. والخيرَ ..
غرقانًا ومنتشَلاَ ..
كأنّما قزحٌ ،
والشّمسُ ترسُمه ،
باب يقود إلى الفردوس كلّ من دخلا ..
لكلٍّ عين به لونٌ يؤانسها ..
لقد تجلّى فأرضى الكلّ إذ عَدَلاَ ..
وكلّ مرتفَع ألقى لمنخفض
بمائه كلّه
من غير ما سألا ..
إنّ الكريم رفيع ..
مشرفٌ ..
جبلٌ ..
وكالسّباخِ تعلّ الماءَ من بخلاَ ..
تبسّم الجبل العالي تهنّئه شمسٌ بصحّته
من بعد ما اغتسلا ..
سمعتُ كلّ طيور الكون شاديةً ..
أبدى بها الصّقرُ عطفا أمّن الحجلاَ ..
يا للسّحابِ ..أغار السّحْبَ موقعه ..
يا للأصيلِ أغارت شمسه الأُصُلاَ ..

شعر : سعيد رحيمي

2012/01/16

أحبّك يا شتاء

أحبّك يا شتاء .

طولُ الزّمان ، وإن أصاب ، حبيبُ
هذا الشّتاء ، كما تشاء ، قريبُ .
كم أشتهي يوما عنيفًا ممطرًا
للرّيح فيه تمنّعٌ وهبوب ،
والرّعد أخرس ليس يحسن منطقًا ،
والماء مفضوح الهوى مسكوبُ .
كم أشتهي ليلاً طويلاً ، ناره
كالحبّ فيه تأجّج ولهيبُ ،
والذّئب يعوي في الجبال مناجيا
كلبي ودون عداوة ، فيجيب ،
ومن الدّياجي منظر لا ينتهي
وصفًا ، عليه محاسن وعيوبُ ،
وعلى السّماء ملامح الوجه الّذي
قد عذّبته مصائب وخطوبُ .
كم أشتهي وقع العواصف تلتقي
بين الفجاج وللفؤاد وجيب ،
رغَبًا كأنّ الموت أصبح حاجتي ،
رَهَبًا كأنّك يا جمال رهيب ،
والصّرصر اللّذّاعة انكفأت على
أرضي لتكنس شغلها التّوضيب ،
حتّى إذا جاء الرّبيع ببشْره
فرش الحرير ، وأحكم التّرتيبُ .
كم أشتهي زمنًا جميلاً أبيضًا
في رأسه الثّلج الجليل مَشيبُ ،
فأعيش في وهمٍ أظنّ الدّهر قد
خاف الفناء ، وإنّه مكروب ،
وأكون أسعد شامت في دهره ،
هذا كذلك ساقه المكتوب .
يا أُنس قلبي بالزّمان مكفّنًا ،
ومن الرّياح جهالة ونحيب ،
ومن السّماء مدامع مسكوبة ،
ومن الوحوش من الجبال نديبُ ،
زمن النّبات حِداده مستنكرًا
أوراقَه ، ومن الغراب نعيب ..
وغدا سينبض بالهوى قلب إذا
دفئتْ جوانبه الثّلوجُ تذوب ،
ويكون بعثٌ بعد موت رائعٍ ،
بعث المطيع إلى الجِنان يؤوبُ .
إن تأتِ بالجَدْب القبيح لأهله
فالماء هامٍ والجمال خصيب .
إنّي أحبّ الماء يُسكب في الثّرى ،
ولأنتظرْ فالعيش سوف يطيب .
إنّ انتظاري غايتي ، لا غايتي ،
ما دام ما يأتي هو المطلوبُ .


شعر : سعيد رحيمي

قوقعة العسل

في بداية الربيع تبدي النحلة ابتهاجها بحلول هذا الفصل فتختار قوقعة لتضع فيها العسل مليئا ببيوضها ومن فرط بهجتها تزيّن القوقعة باللّون الأخ...