الفتنة

الفتنة

قربك القلـب تغشــاه افتتـــان

فالأمان الخوف ، والخـوف الأمــان

ربّما أغرقتِنــي فــي حُمـــرة

ربّما لم يُنتشــل منهــا الزّمــانُ

إنّك البحر الّــذي  فــي  مـوجه

تُغسـل النّــار  فـلا يبقـى  دخانُ

إنّك اللّحن الّــذي مــن أجلــه

أُبدع القانــون واختيــر الكمـانُ

إنّك القدّ  الــذي لمّــا اشتهــى

قفـزةً  كُــوّن فــوق الأرض زان

بيننــا زهر شقيــق ،  ولـقــد

ضاع  كـي يقطفـه منّــي البنـان

فاتركيــه ، رُبّ زهــر  مُعجِـب

كان أحلـى منـه مـن تحـت المكان

إنّنـي ـ لا  تحزني ـ منــفجِــرٌ

بعد  حيـن ، و الجمــال المستعـان

فاستعــدّي  لاحتضـانـي ، إنّمـا

أسعد الأشيـاء فـي الدّنيـا  احتضان

قـد سكبـتِ النّـار في  مجرى دمـي

فالغوى بيـن شراييـنـي احتقــان

فتنة الأحمــر  نـار عـذبــــة

ليـس يُذكـي  جمـرها إلاّ الحِـسانُ

إن تكوني غنوة

فدعي لي حُلمها .

أو تكوني صورة

فدعي لي فلمها .

أو تكوني جنّة

فدعي لي سلمها.

*  *  *

أنت يا عيني الّتي

منك أصبحتُ أرى .

أنت ياحلمي الّذي

منه أحببتُ الكرى .

أنت فرد واحد

لايساويه الورى .

*  *  *

تهتُ لم أقدر على

فهم كون مُذهلِ

خلف خطّ أحمر

لزمان مُقبلِ .

فإذا أبطأتُ في

فهمه لا تعجلي .

*  *  *

سرقتْ بدرُ البدور

من تصاميم شعوري

ألفَ بيت لم يزل

لم يُمسَّك في السّطورِ.

ولقد شدّت يدي

بقيود من حرير

ثمّ غابت فهي في

                            كون أحلام السّرور .
                                                         شعر : سعيد رحيمي

الطّيب

الطِّيب .

كم بقينا نرقب النّجم العجيبا ..

كم أقمنا نملأ اللّيل ذنــوبا ..

كم ركضنا نسبق الصّبح القريبا ..

وجلسنا ..

ورقصنا ..

وشربنا الحبّ ريحانا وطيبــا .

*  *  *

ياحبيبي زيّن القلب هواكــا

و انضوى كالطّيب في طيب دمي

فالعطر ذاكا .

كلّ شيء تــافه في ناظـري..

حتّى أراكا .

يا حبيبي  أيّنا  أحلى: أنا أم أنت..

والأحلى رضاكا .

*  *  *

إنّني أهواك ، فاستقبل هوايــا

إنّ حسني لم تفارقه المـرايــا

فإذا شاهدتُ فـي المرآة وجهي

ظلّ فيها بعدما أمضي ..

فلم تقبل سوايا .

*  *  *

إنّني ناديت ، فاحفـــظ

في مهـاد الحـبّ في الرّوح

ندايا .

إنّما الحبّ عظيم فيـــه

أن لا يُهمل النّـاس التّحايا .

*  *  *

قـد تخيّرتَ  فوُفّقت  اختيارا

وسلبتَ الشّمس  للّيل  النّهارا

كي تُريق النّور شعرا للسّهارى

وتُري  الألوان  كالأفــراح

من طلّ دميـعات العـذارى

قد يغار الورد .. لكـــن

..يــا حبيــبي ...

..... سوف نرضيه اعتذارا .

*  *  *

عندما لا تسمع الأذن الكلاما

عندما لا تفهم العين الظّلاما ،

ويذوب الحسّ في القلب هياما

.. عندها يا كلّ حبّي ..

لن يكون الذّنب ذنبي ..

إنّما أنت الّذي خيّرتَ أن تجلس قُربي

منذ أن كنّا حمـامـا

نبدأُ الأسفار إن حانت

ولا ندري الختاما .

شعر : سعيد رحيمي

شيء في عينيك

شيء في عينيك .

شيء في عينيك يقول

ماذا يقول ؟

شيء في عينيك يقول :

أنت جميل .

*  *  *

أنت جميل ياحبّي

أنت عظيم .

أنت حياة في قلبي ،

أنت نعيم .

*  *  *

هاك نجوما كالألماس

يا أحلى النّاس ،

والبس أحلى أحلى لباس

للأعراس .

*  *  *

واحملني في عينك يا

يا غدّار ،

واقطف لي ورد الدّنيا

والأزهار .

*  *  *

واحملني خلف الأسوار

كلّ نهار ،

نسرق من ماء الأمطار

كلَّ النّار .

*  *  *

واصعد بي في كلّ سماء

كيف تشاء ،

نلعبْ ، والدّنيا جمعاء

في إغفاء .

*  *  *

خذني وازرعني في النّور

كالأحلام ،

سأُناجيك بكلّ سرور

حين تنام .

*  *  *

حبّك يسري في جسدي

مثل الرّوح ،

فلنتوحّد للأبد

أو سأروح .

شعر : سعيد رحيمي

إن لم نعشق

إن لم نعشق

لنغص يا سيّــدي  فـي  لجّـــة

من بحار الحــــبّ  نحو  الأعمـقِ

فلعلّ البحــر  في  أعمـــاقــه

ألف ســرّ غائــب في الــزّورقِ

فلنغــص يا سيّـدي  إنّ  الهــوى

ناقص حبّيــن إن لــم  نعشــق

آه ، ما أحلى  الهـوى  لو أنّنــــا

في مكان تائــه فــي المطلـــقِ

لا يرانـا المـوت  حتّـى   ينتهــي

فنُوالـي خلـق مـن  لـم يُخلــقِ

أنت حلمــي أنتشـي  من    حبّـه

كـلّ ليـل تحــت جفني المطبــقِ

فمتـى أضممْـك تذهــل  صامتـا

ومتـى تضمــمْ فؤادي أشهـــقِ

كـلّ شيء أنت فــي الدّنيـا فـإن

نفتـرقْ في كـلّ حيـن نلــتــقِ

فكأنّــا النّور يمـضي  مســـرعا

في غرور نحــو جفــن  مُـرهـق

فإذا لاقــاه أرسـى  فـي يــدي

حلُـم في بحــر دمــع  مُــغرق

فهـو مــن  إنقـاذه فـي  فرحـة

بعدمـا الحُلْــم استوى في رونــق

واستعــاد الجـفن  مـن أحبـابـه

نظـرة ضمــن  عطـاء  مغــدقِ

يـا حبيـبي كـن  كلامــا  ساحرا

إن تسـرِّبْه  شفــاه  يُســــرقِ

كـن جمـالا قــاتلا إن تتّــفـق

نظرة للشّمــس فيــه  تعلـــقِ

... كيف أدري مــا مضى من  حبّنا

ذاك أحــلى عمـرنـا أم مـا بقِـي

شعر : سعيد رحيمي

لقاء مستحيل

لقاء مستحيل .

هكذا اللّيــل ضمّنـــا فأزيـلي        عنك شــوق النّهــار حتّى يزولا

أسرعـي أسرعـي ، فربّ غــرام         كان  قـد قصّــر الزّمان الطويـلا

كان قبـل الزّمـان هـذا  لقــاء         هكذا يـا حبيـبتي مستحيــــلا

فلنسـافر إلـى السّمــاء فإنّــا         ربّما لــن نعيــش  إلاّ  قليــلا

ما شباب إذا تركنــاه يمضـــي  ثمّ لم نتّبــع خطــاه دليـــلا؟

كم جميــل لقاؤنا ، فاستعــدّي  أن يكون الفــراق  أيضـا  جميـلا

غابت الشّمــس  أو تغيب قريبـا         فكأنّ الظّـلام ينــوي  الرّحيــلا

هاك مـن كـلّ ما استطعت رسولا         فاستطيعي وبـادليــني  الرّســولا

قـد رأينا فهالنا مــا رأينـــا          وسمعنــا فهالـنا مــا قيـــلا

فلنجـرّبْ ، لعلّ ذلك أحـــلى          ولنعاودْ ،  كي لا  نموت فضـــولا

جسمك المستعــدّ نحوي توالـى   في عيـوني ، فصار طرفــي كليـلا

عينكِ  الكحل يحتويـها تحــدّى   أن أراهــا فكبكبتنــي ذهــولا

بعدما جاهدت أحاسيس  روحـي   في هواك اختلســتُ منها خيــولا

وانتظرتُ الرّجال كـي يحملـوها   نحو حرب تنــزُّ هولاً ثقيــــلا

فركبنا  إلـى الجبــال ، فلمّـا  أن وصلنا أشبعتِنـــي  تقبيـــلا

فاستفقـتُ  الشّفاه منـك  رجاء  فوق خـدّي ، تريد أن لا أميـــلا

ويداكِ استحلّتــا كلّ شبــر  من بلادي وغادرتني قتيــلا

قد علمتُ الغرام ما السّرّ فيــه   سرّه أن يسُرّ  إلاّ الخجــولا

يا ربيعي ويا ازدهار وجــودي  أنتِ غيبٌ فنسّقي المجهــولا

كي أُري النّاس عدّتي  من غرامي   فيزيد العباد لي تبجيــــلا

أنتِ كالدّهر لم يزل بعدُ يُهـدي  لعيون العباد  عطفا فصــولا

أنتِ معنى السّماح غادر نحـوي   تاركا في انتظاره الإنجيـــلا

عنقدي لي من الغلال  أُلــوفا   واصنعي لي من القصور شُكولا

واجمعيني في مُقلتيك  دموعــا     وحذار البكاء ،كي لا أسيـلا

لم أجد منذ أن أحبّك قلبــي    في  زوايا الوجود منك مثيـلا

قد حلفتُ اليمين أن لست أهوى   من جمال العيون إلاّ الكحيـلا

وحلفت اليمين أن لستُ أحوي  من لحاظ الجمال إلاّ العليـلا

وحلفت اليمين أن لست أقفـو   من رموش الملاح  إلاّ الكسولا

مـن لعيني بمثل تلك ، أجيبـي   غير عينيك  في  العيون كفيـلا

بارك اللّه فيك يا كلّ  عمـري   قد علمتُ  الرّيحان و السّلسبيلا

أيّ أرض لنشوتي  تحتوينــي    بعد أن برّدتِ منّي الغليـــلا

       أيّ أرض لنشوتي  تحتوينــي   حيل بيني و بين قتلكِ ..حيلا .

                                                     بقلم : سعيد رحيمي

الثلج

الثّلج

عند الصّباح قمت ناظرا إلى الرّبا

وكان الثّلج يملأ القِفارْ

فكلّ شيء صار يبدو معجِبَا

إذ جلّل البياضُ الاخضرارْ

كقطع القطن بدا .. أو كالهبَا

تنثره الريح على الجِدارْ

فيدفن التّربة حتّى تحجبَا

وبرده يعذّب النّهارْ

خرجتُ أبتغي مدينتي مذبذَبَا

بين البقاءِ .. والرّحيل في القطارْ

هبّ النّسيم قاسيا معذِّبَا

فدغدغ الأوصالَ في انتصارْ

آثار نعلٍ ساقها حبّ الإبَا

صاحبها قد غاب في ذاك القرارْ

وادٍ أراه اليوم صار مرعبا

قد غاب فيه صاحبي دون انتظارْ ..

* * *

أدركته ، وكان الثّلج قد هدَا ،

وعاد بعدُ مثلما قد كانْ

صافحته .. فمدّ لي منه يدَا

مملوءةً بالحبّ والحنانْ

وصرت أمشي معه مزوّدَا

بالسّلم والجمالِ والأمانْ

من بعد أن كنتُ وحيدًا أوحدَا

لاَ صاحبًا أراهُ أو يرانْ

بيت هناك قرب الغاب قد بدا

من فوقه سحابة من الدّخانْ

والنّهر قربنا ، وماؤه تجمّدا

والشّجر العاري يحسّ بالهوان

ووحده الغراب ظلّ أسودا

إن استثنيت الشّرّ والزّمانْ

وصاحبي يشرح لي سفرته مؤكِّدَا

أنّ الثّلوج حلّة من حلل الجِنانْ .

بقلم : سعيد رحيمي